فاعلمْ أنَّكَ في دبي / الأهرام نيوز
بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي .
إنَّ دولَ الخليجِ العربي لأشبه عندي بالعِقْدِ الفريدِ الذي يزيّنُ جيدَ الأمةِ العربيةِ ، ويضفي عليها رونقاً وجمالاً ، وإذا كان ذلك كذلك فدبي واسطةُ العقدِ وزينته ، وللتعرّفِ على دبي لمن لمْ يحظَ بزيارتها ، ولم يتشرّفْ برؤيتها تخيّلتُ حواراً أُجري بين حفيدٍ وجدّه إذ سألَ الحفيدُ جدّه قائلاً :
كيف أعرفُ يا جدّي أنني في دبي ؟
فأجابه بقوله :
أي بُنيّ ، إذا وجدتَ بلداً ذاتَ شمسيْنِ - أي تشرقُ عليها شمسُ الحضارةِ الإسلاميةِ بعروبتها وأصالتها ، وشمسُ الحضارةِ الغربيةِ ببهرجها وأناقتها - ، فاعلمْ أنك في دبي .
أي بُنيّ ، إذا شممتَ في بلدٍ عبقَ الماضي ، وتنسّمتَ فيه أريجَ الحاضرِ ، واستشرفتَ إلى آفاقِ المستقبلِ ، فاعلمْ أنك في دبي .
أي بُنيّ ، إذا وجدتَ مدنيةً تطاولُ السماءَ عُلوّاً ، وتقدّماً يسابقُ الريحَ عُتوّاً ، فاعلمْ أنك في دبي .
أي بُنيّ ، إذا وجدتَ بوتقةً تنصهرُ فيها كلُّ الحضاراتِ ، وتتمازجُ ولا تتصارعُ بدون تمييزٍ لعرقٍ أو للونٍ ، فاعلمْ أنك في دبي .
أي بُنيّ ، إذا اختلطَ عليكَ الليلُ بالنهارِ، ولم تستطعْ أن تميّزَ بينهما ، فاعلمْ أنك في دبي .
أي بُنيّ ، إذا وجدتَ للاستقبالِ حفاوةً ، وللينِ كلامِ شرطتها حلاوةً ، وتواضعاً يزيدُ أهلها رفعةً ، وطلاقةَ وجوهٍ تأسرُ قلوبَ كلَّ من ولّى وجهه شطرها ، فاعلمْ أنك في دبي .
إذا وجدتَ أطيافاً من الناسِ متعددةَ الجنسياتِ ، ومختلفةَ اللغاتِ واللهجاتِ هاجروا إلي بلدٍ ليجدوا فيها مُراغماً كثيراً وسعةً ، ولا يحسّون فيها بغربةٍ ، ولا يشعرون إزاءَ أهلها بوحشةٍ ، فاعلمْ أنك في دبي .
أي بُنّي ، إذا وجدتَ مواطنينَ يحسنون معاملةَ وافديهم - لطيبِ أصلهم ، وكرمِ أخلاقهم - ، ولا يرون لأنفسهم مزيّةً عليهم ، معتقدينَ أنهم سببُ رزقهم ونصرتهم ، مستشعرينَ قولَ رسولِ الله - ﷺ - : " هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم " رواه البخاري ، فاعلمْ أنك في دبي .
أي بُنيّ ، إذا وجدتَ مواطنينَ يعطون ولا يضنّون ، ويجودون ولا يمنّونَ ، فاعلمْ أنك في دبي .
وأخيراً هذا غيْضٌ من فيْضٍ ، قليلٌ من كثيرٍ مما وجدته بنفسي ، أو نما إلى سمعي فمهما كتبتُ لن أوفّيها حقّها وأهلها فشهادتي فيهما مجروحة .
ومما ينبغي التنويه عليه ، وتجدرُ الإشارةُ إليه أنَّ الصفاتِ الخاصةِ بالمكان تقتصرُ على إمارةِ دبي ، أما الصفاتُ الخاصةُ بالطباعِ فهي تنسحبُ على جميعِ الشعبِ الإماراتي .
حفظَ اللهُ دولةَ الإماراتِ العربيةَ ورئيسها صاحب السمو الشيخ ( خليفة بن زايد آل نهيان ) من كلِّ مكروهٍ بما يحفظُ به عباده الصالحين ، وأخذَ بناصيته إلى ما يحبه ويرضاه إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه .
إرسال تعليق